أجلس أمام الكمبيوتر، أتصفح آخر أخبار التكنولوجيا، وقد جذبتني تقارير حول المنافسة في الذكاء الاصطناعي بين الصين وأمريكا بعمق. هذه ليست مجرد مسابقة تقنية، بل هي أشبه بصدام بين طريقتين تفكير مختلفتين تمامًا.
الولايات المتحدة تسعى بكل قوتها لملاحقة وهم الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، مستثمرة مليارات الدولارات، ومستهلكة كميات هائلة من الطاقة، كما لو كانت في سباق تسلح. وقد أكدت إدارة ترامب مرارًا أن الذكاء الاصطناعي سيغير النظام العالمي بشكل جذري، بل وتنبأت بأننا سنقع في نوع من اليوتوبيا السلبية.
وماذا عن الصين؟ لقد اختاروا مسارًا مختلفًا تمامًا.
طلب شي جين بينغ من شركات التكنولوجيا الصينية مثل DeepSeek أن تبقى واقعية، وتطوير أدوات يمكن أن تنتج فوائد عملية على الفور. تركيزهم هو مساعدة المزارعين في زراعة الأرز، وتحسين سرعة استجابة الشرطة - أنظمة ذكية يمكن أن تعزز كفاءة الحياة وتصدر عالمياً.
لقد أثمرت هذه الطريقة البراغماتية في جميع أنحاء الصين. يقوم الأطباء في جامعة تسينغهوا بالحصول على أحدث الرؤى الطبية، وتقوم الروبوتات في المصانع بدون تدخل بشري بإجراء اختبارات للمنسوجات وإنتاج السيارات. تُظهر تقارير الحكومة المحلية أن نماذج اللغة الصينية الشبيهة بـ ChatGPT تُستخدم في تصحيح امتحانات المدارس، وزيادة دقة توقعات الطقس، وتنسيق فرق الطوارئ، وحتى تقديم نصائح للمزارعين حول الزراعة الدورية.
أنشأت بكين في بداية هذا العام صندوقًا خاصًا بقيمة 8.4 مليار دولار لدعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما قامت البنوك في مختلف المقاطعات والمدن بوضع خطط لدعم المشاريع ضمن إطار "الذكاء الاصطناعي +" الوطني. وعلى عكس النظام البيئي المغلق في وادي السيليكون، تدفع الصين أيضًا بقوة نحو الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، مما يسمح بتحميل النماذج مجانًا وتعديلها، مما يخفض التكاليف ويعجل بتطور الشركات المحلية.
بالنظر إلى الولايات المتحدة، لا تزال OpenAI وMeta وGoogle تستثمر في الذكاء الاصطناعي العام، معتقدة أن هذه الآلات الخارقة ستفتح مجالات جديدة، وستمنح الولايات المتحدة ميزة في النزاعات المستقبلية. حتى أن صحيفة وول ستريت جورنال توقعت أن الذكاء الاصطناعي الفائق قد يظهر في عام 2027. من أجل أخذ زمام المبادرة، تتسابق هذه الشركات العملاقة لتخزين الشرائح، والتنافس على المواهب، وبناء مراكز بيانات كبيرة.
لكن الواقع كان عكس ذلك - حيث أن GPT-5 الذي أصدرته OpenAI مؤخرًا لم يكن كما هو متوقع، واعترف الرئيس التنفيذي سام ألتمان علنًا بأن الإصدار كان "فوضويًا"، وحتى حذر من إمكانية وجود فقاعة استثمار في الذكاء الاصطناعي.
لا يمكنني إلا أن أفكر في تحذير إريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، والمحللة التقنية شيو شيلينغ في صحيفة نيويورك تايمز: "إذا تمسكنا فقط بهذا الهدف، فقد تتخلف الولايات المتحدة عن الصين، لأن الصين لا تهتم كثيرًا بإنشاء ذكاء اصطناعي يتجاوز الإنسان، بل تركز أكثر على استغلال التكنولوجيا الحالية."
مثال منطقة شينغ آن الجديدة يدعو للتفكير بعمق. لقد تم دمج الذكاء الاصطناعي هناك في جميع جوانب الحياة: مساعدة المزارعين في اختيار المحاصيل وإدارة الآفات والأمراض، تحسين توقعات الطقس، تحليل بيانات حالات الشرطة، ومعالجة مئات الآلاف من مكالمات الخط الساخن الحكومية يومياً. هذه ليست مشاريع تجريبية، بل أنظمة عملية تعمل بالفعل.
على الرغم من أن الصين تبني أيضًا مراكز بيانات، إلا أن منشآتها أصغر حجمًا مقارنة بالعملاق الأمريكي المخصص لتدريب AGI، وهي مصممة لدعم التطبيقات الحالية. إن القيود المفروضة على الشرائح عالية الأداء في الولايات المتحدة قد دفعت الصين إلى التركيز أكثر على النشر بدلاً من تدريب النماذج الكبيرة.
تذكرني هذه المنافسة بأسطورة السلحفاة والأرنب. أمريكا مثل الأرنب الواثق، تطارد أحلام بعيدة؛ بينما الصين مثل السلحفاة التي تسير بثبات، تحل المشكلات العملية خطوة بخطوة.
في هذه المنافسة التي لا نهاية واضحة لها، من يا ترى سيضحك في النهاية؟ أعتقد أن الإجابة ليست بسيطة. لكن هناك شيء واحد واضح: القيمة الحقيقية للتكنولوجيا ليست في مدى تقدمها، بل في كيفية تحسينها لحياة الناس.
ربما يجب علينا تقليل أحلامنا بشأن المستقبل وزيادة اهتمامنا بالواقع. على أي حال، أفضل ذكاء اصطناعي ليس هو الأكثر ذكاءً، بل هو الأكثر فائدة.
في عالم يتزايد فيه تنافس التكنولوجيا على الصعيد العالمي، فإن هذه الحقيقة البسيطة تستحق منا التفكير العميق.
(ملاحظة: تشير "حكومة ترامب" المذكورة في النص إلى حكومة عام 2025، بناءً على الاستنتاج من السياق)
شاهد النسخة الأصلية
قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
التنافس بين الصين والولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي: مساران مختلفان تمامًا للتطور
أجلس أمام الكمبيوتر، أتصفح آخر أخبار التكنولوجيا، وقد جذبتني تقارير حول المنافسة في الذكاء الاصطناعي بين الصين وأمريكا بعمق. هذه ليست مجرد مسابقة تقنية، بل هي أشبه بصدام بين طريقتين تفكير مختلفتين تمامًا.
الولايات المتحدة تسعى بكل قوتها لملاحقة وهم الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، مستثمرة مليارات الدولارات، ومستهلكة كميات هائلة من الطاقة، كما لو كانت في سباق تسلح. وقد أكدت إدارة ترامب مرارًا أن الذكاء الاصطناعي سيغير النظام العالمي بشكل جذري، بل وتنبأت بأننا سنقع في نوع من اليوتوبيا السلبية.
وماذا عن الصين؟ لقد اختاروا مسارًا مختلفًا تمامًا.
طلب شي جين بينغ من شركات التكنولوجيا الصينية مثل DeepSeek أن تبقى واقعية، وتطوير أدوات يمكن أن تنتج فوائد عملية على الفور. تركيزهم هو مساعدة المزارعين في زراعة الأرز، وتحسين سرعة استجابة الشرطة - أنظمة ذكية يمكن أن تعزز كفاءة الحياة وتصدر عالمياً.
لقد أثمرت هذه الطريقة البراغماتية في جميع أنحاء الصين. يقوم الأطباء في جامعة تسينغهوا بالحصول على أحدث الرؤى الطبية، وتقوم الروبوتات في المصانع بدون تدخل بشري بإجراء اختبارات للمنسوجات وإنتاج السيارات. تُظهر تقارير الحكومة المحلية أن نماذج اللغة الصينية الشبيهة بـ ChatGPT تُستخدم في تصحيح امتحانات المدارس، وزيادة دقة توقعات الطقس، وتنسيق فرق الطوارئ، وحتى تقديم نصائح للمزارعين حول الزراعة الدورية.
أنشأت بكين في بداية هذا العام صندوقًا خاصًا بقيمة 8.4 مليار دولار لدعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما قامت البنوك في مختلف المقاطعات والمدن بوضع خطط لدعم المشاريع ضمن إطار "الذكاء الاصطناعي +" الوطني. وعلى عكس النظام البيئي المغلق في وادي السيليكون، تدفع الصين أيضًا بقوة نحو الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، مما يسمح بتحميل النماذج مجانًا وتعديلها، مما يخفض التكاليف ويعجل بتطور الشركات المحلية.
بالنظر إلى الولايات المتحدة، لا تزال OpenAI وMeta وGoogle تستثمر في الذكاء الاصطناعي العام، معتقدة أن هذه الآلات الخارقة ستفتح مجالات جديدة، وستمنح الولايات المتحدة ميزة في النزاعات المستقبلية. حتى أن صحيفة وول ستريت جورنال توقعت أن الذكاء الاصطناعي الفائق قد يظهر في عام 2027. من أجل أخذ زمام المبادرة، تتسابق هذه الشركات العملاقة لتخزين الشرائح، والتنافس على المواهب، وبناء مراكز بيانات كبيرة.
لكن الواقع كان عكس ذلك - حيث أن GPT-5 الذي أصدرته OpenAI مؤخرًا لم يكن كما هو متوقع، واعترف الرئيس التنفيذي سام ألتمان علنًا بأن الإصدار كان "فوضويًا"، وحتى حذر من إمكانية وجود فقاعة استثمار في الذكاء الاصطناعي.
لا يمكنني إلا أن أفكر في تحذير إريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، والمحللة التقنية شيو شيلينغ في صحيفة نيويورك تايمز: "إذا تمسكنا فقط بهذا الهدف، فقد تتخلف الولايات المتحدة عن الصين، لأن الصين لا تهتم كثيرًا بإنشاء ذكاء اصطناعي يتجاوز الإنسان، بل تركز أكثر على استغلال التكنولوجيا الحالية."
مثال منطقة شينغ آن الجديدة يدعو للتفكير بعمق. لقد تم دمج الذكاء الاصطناعي هناك في جميع جوانب الحياة: مساعدة المزارعين في اختيار المحاصيل وإدارة الآفات والأمراض، تحسين توقعات الطقس، تحليل بيانات حالات الشرطة، ومعالجة مئات الآلاف من مكالمات الخط الساخن الحكومية يومياً. هذه ليست مشاريع تجريبية، بل أنظمة عملية تعمل بالفعل.
على الرغم من أن الصين تبني أيضًا مراكز بيانات، إلا أن منشآتها أصغر حجمًا مقارنة بالعملاق الأمريكي المخصص لتدريب AGI، وهي مصممة لدعم التطبيقات الحالية. إن القيود المفروضة على الشرائح عالية الأداء في الولايات المتحدة قد دفعت الصين إلى التركيز أكثر على النشر بدلاً من تدريب النماذج الكبيرة.
تذكرني هذه المنافسة بأسطورة السلحفاة والأرنب. أمريكا مثل الأرنب الواثق، تطارد أحلام بعيدة؛ بينما الصين مثل السلحفاة التي تسير بثبات، تحل المشكلات العملية خطوة بخطوة.
في هذه المنافسة التي لا نهاية واضحة لها، من يا ترى سيضحك في النهاية؟ أعتقد أن الإجابة ليست بسيطة. لكن هناك شيء واحد واضح: القيمة الحقيقية للتكنولوجيا ليست في مدى تقدمها، بل في كيفية تحسينها لحياة الناس.
ربما يجب علينا تقليل أحلامنا بشأن المستقبل وزيادة اهتمامنا بالواقع. على أي حال، أفضل ذكاء اصطناعي ليس هو الأكثر ذكاءً، بل هو الأكثر فائدة.
في عالم يتزايد فيه تنافس التكنولوجيا على الصعيد العالمي، فإن هذه الحقيقة البسيطة تستحق منا التفكير العميق.
(ملاحظة: تشير "حكومة ترامب" المذكورة في النص إلى حكومة عام 2025، بناءً على الاستنتاج من السياق)