
الانقسام الكلي (Hard Fork) يُعد تغييرًا جذريًا في بروتوكول شبكة البلوكشين يؤدي إلى انقسام دائم إلى سلسلتين غير متوافقتين. عندما تعتمد بعض العُقد في الشبكة تعديلات أساسية على بروتوكول البلوكشين، تعجز العُقد غير المحدثة عن التحقق من الكتل التي تُنشئها العُقد المحدثة، مما يؤدي إلى وجود شبكتين وسجلين منفصلين. يُستخدم الانقسام الكلي عادةً لتطبيق تحديثات رئيسية للميزات أو لمعالجة الثغرات الأمنية الحرجة أو لتسوية الخلافات الكبرى داخل مجتمع الكريبتو حول مستقبل البلوكشين. وقد شهدت كل من Bitcoin وEthereum عدة انقسامات كلية بارزة، مثل انقسام Bitcoin Cash (BCH) والانقسام الذي أعقب حادثة DAO في Ethereum، وكان لها تأثيرات عميقة على منظومة الأصول الرقمية.
انطلق مفهوم الانقسام الكلي من مجال تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر، لكنه اكتسب أهمية خاصة في تكنولوجيا البلوكشين. وقع أول انقسام كلي شهير في يوليو 2016 عندما انقسم مجتمع Ethereum حول كيفية التعامل مع حادثة اختراق "The DAO"، مما أدى في النهاية إلى إنشاء Ethereum (ETH) وEthereum Classic (ETC).
عادةً ما تحدث الانقسامات الكلية في عدة حالات:
من أشهر الانقسامات الكلية التاريخية: Bitcoin وBitcoin Cash (2017)، Ethereum وEthereum Classic (2016)، وBitcoin Cash وBitcoin SV (2018). لم تكن تلك الأحداث مجرد تغييرات تقنية، بل عكست نقاشات عميقة داخل مجتمع الكريبتو حول القيم الأساسية للبلوكشين ومسارات تطويره.
التطبيق التقني للانقسام الكلي يتطلب تعديل قواعد التوافق الجوهرية للبلوكشين. عندما تعتمد بعض العُقد قواعد جديدة وتواصل الأخرى اتباع القواعد القديمة، تنقسم البلوكشين إلى سلسلتين مستقلتين عند رقم كتلة محدد.
عادةً ما تمر عملية تنفيذ الانقسام الكلي بالخطوات التالية:
بعد الانقسام الكلي، تعمل السلسلتان بشكل مستقل وتتشابهان في السجل التاريخي حتى نقطة الانقسام، إلا أن لكل منهما مستقبل مختلف تمامًا. جميع بيانات المعاملات السابقة للانقسام تبقى متطابقة في كلتا السلسلتين، أما المعاملات التي تلي الانقسام فتخص كل سلسلة فقط.
رغم أهمية الانقسامات الكلية لتطور البلوكشين، إلا أن هناك عدة تحديات:
لإدارة الانقسامات الكلية بنجاح، يجب توفير الاستعداد التقني الكافي، والتواصل الواضح مع المجتمع، وتقديم حوافز مناسبة، وتقييم المخاطر بشكل شامل. فعلى الرغم من أن الانقسامات المثيرة للجدل قد تسبب اضطرابًا، إلا أن الانقسامات المخطط لها ضرورية للنمو المستدام لأنظمة البلوكشين.
تُعد الانقسامات الكلية آليات ضرورية لتطور تكنولوجيا البلوكشين، وتمثل وسيلة لحل المشكلات التقنية الكبرى وتطبيق الابتكارات، كما تعكس آليات اتخاذ القرار الجماعي في المجتمعات اللامركزية. ورغم ما تسببه من تقلبات مؤقتة، إلا أن هذه الانقسامات تبرز قدرة أنظمة البلوكشين على التكيف والتصحيح الذاتي. ويُعد فهم الجوانب التقنية والاجتماعية للانقسامات الكلية أمرًا أساسيًا لجميع المشاركين في منظومة الأصول الرقمية. ومع تطور آليات الحوكمة في البلوكشين مستقبلًا، قد نشهد عمليات انقسام كلي أكثر تطورًا وكفاءة تحقق التوازن بين الابتكار واستقرار النظام.
مشاركة


